للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني (٦٦): حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نَجدة الحوطي، حدثنا [أبو المغيرة]، حدثنا حَريز [١] بن عثمان، عن نعيم بن نَمحة قال: كان في خطبة أبي بكر الصديق : أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم؟ فمن استطاع أن ينقضي [٢] الأجل وهو في عمل الله ﷿ فليفعل، ولن تنالوا ذلك إلا بالله ﷿ إن قومًا جعلوا آجالهم لغيرهم، فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾. أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدموا في أيام سلفهم، وخلوا بالشقوة والسعادة، أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصونها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار، هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه فاستضيئوا منه ليوم ظلمة، واستنصحوا كتابه وبيانه [٣]. إن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال: ﴿إِنَّهُمْ [٤] كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾، لا خير في قول لا هاديه وجه الله ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله. ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم.

هذا إسناد جيد، و [٥] رجاله كلهم [٦] ثقات، وشيخ حريز [٧] بن عثمان [٨]- وهو نعيم بن نمحة -. لا أعرفه بنفي ولا إثبات، غير [٩] أن أبا داود السجستاني قد حكم بأن شيوخ حَريز [١٠] كلهم ثقات. وقد روي لهذه الخطبة شواهد من وجوه أخر، والله أعلم.

وقوله: ﴿لَا يَسْتَوي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾. أي: لا يستوي هؤلاء وهؤلاء في حكم الله يوم القيامة، كما قال: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾. وقال: ﴿وَمَا يَسْتَوي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ﴾. الآية. وقال: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾. في آيات أخر دالات على أن الله سبحانه يكرم الأبرار، ويهين الفجار، ولهذا قال هاهنا:


(٦٦) - مسلم في كتاب الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار، حديث (٦٩/ ١٠١٧) (٧/ ١٤٢ - ١٤٥).