يقول تعالى معظِّمًا لأمر القرآن ومبينًا علوَّ قدره، وأنه ينبغي أن تخشع له القلوب، وتتصدع عند سماعه لما فيه من الوعد الحق والوعيد الأَكيد: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾. أي: فإذا كان الجبل في غلظه وقساوته لو أفهم [١] هذا القرآن فتدبر ما فيه، لخشع وتصدع من خوف الله ﷿ فكيف يليق بكم أيها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع، وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه؟ ولهذا قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
قال العوفي: عن ابن عباس في قوله ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ. .﴾ إلى آخرها، يقول: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حَمّلته إياه، لتصدع وخشع من ثقله، ومن خشية الله. فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع. ثم قال: كذلك يضرب الله الأمثال للناس لعلهكم يتفكرون. وكذا قال قتادة وابن جرير.
وقد ثبت في الحديث المتواتر (٦٧) أن رسول الله ﷺ لما عمل له المنبر، وقد كان يوم الخطبة يقف إلى جانب جذع من جذوع المسجد، فلما وضع المنبر أول ما
(٦٧) - أخرجه الطبراني في الكبير (١/ ٦٠ - ٦١) (٣٩).