الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي سعد [١] الأزدي؛ قال: حدثنا زيد بن أرقم؛ قال: غزونا مع رسول الله ﷺ، وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نَبتَدرُ الماء، وكان الأعراب يسبقوننا، يسبق الأعرابي أصحابه يملأ الحوض، ويجعل حوله حجارة، ويجعل النّطع عليه [٢] حتى يجيء أصحابه. قال [٣]: فأتى رجل من الأنصار الأعرابي، فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه، فانتزع حجرًا ففاض الماء، فرفع الأعرابي خشبة، فضرب بها رأس الأنصاري فشجّه، فأتى عبد الله بن أبيّ رأسَ المنافقين، فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبيّ، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله -يعني الأعراب- وكانوا يحضرون رسول الله ﷺ عند الطعام. فقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمدًا بالطعام، فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل. قال زيد: وأنا ردف عمي فسمعتُ عبد الله فأخبرت عَمّي، فانطلق فأخبر رسول الله ﷺ، فأرسل إليه رسول الله، فحلف وجَحَد، قال [٤]: فصدقه رسول الله ﷺ وكذبني، فجاء إليّ عمي؛ فقال: ما أردت إلا [٥] أن مقتك رسول الله ﷺ وكذبَك والمسلمون. فوقع عليَّ من الغم ما لم يقع على أحد قط، فبينما أنا أسير مع رسول الله ﷺ في سفر وقد خَفَقْتُ برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله ﷺ فَعَرَك أذني، وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا [٦]، ثم إن أبا بكر لحقني وقال: ما قال لك رسول الله ﷺ؟ قلت: ما قال لي رسول الله ﷺ شيئًا غير أنْ عرك أذني، وضحك في وجهي. فقال:"أبشر". ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر. فلما أن أصبحنا قرأ رسول الله ﷺ سورة المنافقين.
انفرد بإخراجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهكذا رواه الحافظ البيهقي (١١) عن الحاكم، عن [أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي، عن سعيد بن مسعود، عن][٧] عبيد الله بن موسى به. وزاد بعد قوله "سورة المنافقين" ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ حتى بلغ: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ حتى بلغ: ﴿لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾.