للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى عبد الله بن لهيعة (١٢)، عن أبي الأسود، عن عُروَةَ بن الزبير في المغازي، وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه أيضًا هذه القصة بهذا السياق، ولكن جعلا الذي بَلْغ رسول الله كلام عبد الله بن أبيّ بن سلول إنما هو أوس بن أرقم [١] من بني الحارث بن الخزرج، فلعله مبلغ آخر، أو تصحيف من جهة السمع، والله أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عزيز الأيلي، حدثني سلامة، حدثني عقيل، أخبرني محمد بن مسلم؛ أن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت الأنصاري [٢] أخبراه؛ أن رسول الله غزا غزوة المريسيع، وهي التي هدم رسول الله فيها مناة الطاغية التي كانت بين قفا المُشلّل ودين البحر، فبعث رسول الله خالد بن الوليد فكسر مناة، فاقتتل رجلان في غزوة رسول الله تلك، أحدهما من المهاجرين، والآخر من بَهْز، وهم حلفاء الأنصار، فاستعلى الرجل الذي من المهاجرين على البهزي، فقال البهزي: يا معشر الأنصار، فنصره رجال من الأنصار، وقال المهاجري: يا معشر المهاجرين، فنصره رجال من المهاجرين، حتى كان بين أولئك الرجال من المهاجرين والرجال من الأنصار شيء من القتال، ثم حُجز بينهم فانكفأ كل منافق -أو رجل في قلبه مرض- إلي عبد الله بن أبيّ بن سلول، فقال: قد كنت تُرْجَى وتدفع، فأصبَحت لا تضر ولا تنفع، قد تناصرت علينا الجلابيب -وكانوا يَدعُون كُل حديث هجرة [٣]: الجلابيب- فقال عبد الله بن أبيّ عدو الله: لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال مالك بن الدخْشُم [٤]- وكان من المنافقين: أو لم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. فسمع بذلك عُمر بن الخطاب، فأقبل يمشي حتى جاء رسول الله ؛ فقال: يا رسول الله، ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضربُ عنقه -يريد عمرُ عبد الله بن أبيّ- فقال رسول الله لعمر: "أو قاتله أنتَ إن أمرتُك بقتله؟ " قال عمر: نعم [٥] والله لئن أمرتني بقتله لأضربَنَّ [٦] عنقه. فقال رسول الله "اجلس". فأقبل أسَيدُ بن الحُضَير -وهو أحد الأنصار، ثم أحد بني عبد الأشهل- حتى أتى رسول الله ؛ فقال: يا رسول الله، ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتنَ الناس أضربُ عنقه. فقال رسول الله : "أو قاتله أنتَ إن أمرتك بقتله؟ "، قال: نعم، والله لئن أمرتني بقتله لأضربن [٧]


(١٢) - أخرجه البيهقي (٤/ ٥٦).