ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد أن تقتل أبي، فوالذي بعثك بالحق ما تأملت وجهه قط هيبة له، ولئن شئت أن آتيك برأسه لآتينك [١]، فإني أكره أن أرى قاتل أبي.
يقول تعالى آمرًا لعباده المؤمنين بكثرة ذكره، وناهيًا لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك، ومخبرًا لهم بأنه مَنِ الْتَهَى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عما خُلِقَ له [٢] من طاعة ربه وذكره، فإنه من الخاسرين الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ثم حثهم على الإِنفاق في طاعته فقال: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فكل مُفَرّط يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة ولو شيئًا يسيرًا، ليستعتب ويستدرك ما فاته، وهيهات! كان ما كان، وأتى ما هو آت، وكل بحسب تفريطه، أما الكفار فكما قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ وقال تعالى] [٣]: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، أي لا ينظر أحدًا بعد حلول أجله، وهو أعلم وأخبر بمن يكون صادقًا في قوله وسؤاله ممن لو رُد لعاد إلى شر مما كان عليه؛ ولهذا قال: ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
وقال أبو عيسى الترمذي (١٥): حدثنا عبد بن حميد، حدثنا جعفر بين عون، حدثنا
(١٥) - سنن الترمذي، كتاب "التفسير، باب: ومن سورة المنافقين، حديث (٣٣١٣) (٩/ ٥٣ - ٥٤).=