للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك، وأوهم أن هذا من كرامات صاحب هذا القبر، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.

قال الرازي: (النوع السادس من السحر): الاستعانة بخواص الأدوية؛ يعني في الأطعمة والدهانات، قال: واعلم أنه لا سبيل إلى إنكار الخواص، فإن تأثير المغناطيس مشاهد.

(قلت): يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعي الفقر، ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص، مدعيًّا أنها أحوال له من مخالطة النيران، ومسك الحيات إلى غير ذلك من المحالات.

قال: (النوع السابع من السحر) تعليق القلب، وهو أن يدعي الساحر أنه عرف الاسم الأعظم، وأن الجن يطعونه وينقادون له في أكثر الأمور، فإذا اتفق أن يكون السامع لذلك ضعيف العقل، قليل التمييز؛ اعتقد أنه حق، وتعلق قلبه بذلك، وحصل في نفسه نوع من الرعب، والمخافة، فإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة، فحينئذ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء.

(قلت): هذا النمط يقال له: التنبلة، وإنما يروج على ضعفاء العقول من بني آدم، وفي علم الفراسة ما يرشد إلى معرفة كامل العقل من ناقصه، فإذا كان المتنبل حاذقًا في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره.

قال: (النوع الثامن من السحر) السعي بالنميمة، والتضريب من وجوه خفيفة لطفة، وذلك شائع في الناس.

(قلت): النميمة على قسمين: تارة تكون على وجه التحريش بين الناس، وتفريق قلوب المؤمنين، فهذا حرام متفق عليه، فأما إن كانت على وجه الإصلاح بين الناس، وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث: "ليس بالكذاب من ينم خيرًا" (٦٢٨)، أو يكون على وجه التخزيل والتفريق بين جموع الكفرة؛ فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: "الحرب خدعة" (٦٢٩)، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب، وبين قريظة، وجاء إلى هؤلاء، فنمى إليهم عن هؤلاء كلامًا، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئًا آخر، ثم لأم بين ذلك، فتناكرت النفوس وافترقت. وإنما يحذو على مثل هذا الذكاء والبصيرة النافذة، والله المستعان.


(٦٢٨) - متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بلفظ: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" رواه البخاري في الصلح، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس حديث ٢٦٩٢. ورواه مسلم في البر حديث ١٠١ - (٢٦٠٥).
(٦٢٩) - متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله، رواه البخاري في الجهاد والسير، باب: الحرب خدعة، حديث ٣٠٣٠، ومسلم ١٧ - (١٧٣٩)، ورواه أبو داود ٢٦٣٦، والترمذي ١٦٧٥، والنسائي في السير من الكبرى. وقد رُوي من حديث علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وكعب بن مالك، وأبي هريرة وعائشة.