للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الرابع: أن المراد بذلك يوم القيامة، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، قال: يوم القيامة. وهذا إسناد صحيح [ورواه الثوري] [١] عن سماك بن حرب، عن عكرمة: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، يوم القيامة. وكذا قال الضحاك، وابن زيد.

وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، قال: فهذا [٢]. يوم القيامة جعده الله على الكافرين مقدار [٣] خمسين ألف سنة. وقد وردت أحاديث في معنى ذلك، قال الإمام أحمد (٥): حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عنَ أبي سعيد قال: قيل لرسول الله : ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، ما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله : "والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا". ورواه ابن جرير (٦) عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج به إلا أن دراج وشيخه ضعيفان، والله أعلم.

وقال الإِمام أحمد (٧): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي عمر الغُدّاني قال: كنت عند أبي هُرَيرة فمرّ رجل من بني عامر بن صعصعة، فقيل له: هذا أكثر عامري مالًا. فقال أبو هريرة: رُدُّوه [إليَّ فردوه] [٤]. فقال: نبئت أنك ذو مال كثير؟ فقال العامري: إي والله، إن لي لمائة حُمْرًا ومائةً أدمًا - حتى عد من ألوان الإِبل، وأفنان الرقيق ورباط الخيل - فقال أبو هريرة: إياك وأخفاف الإبل وأظلات النعم - يُردّد ذلك عليه - حتى جعل لونُ العامريّ يتغير - فقال: ما ذاك يا أبا هُرَيَرة؟ قال: سمعتُ رسول اللَّه يقول: "من كانت له إبل لا يعطي حَقها في نَجدتها ورِسْلها"، قلنا: يا رسول اللَّه: ما نجدتُها ورِسْلها؟ قال: "في عُسرها ويسرِها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذّ ما كانت، وأكثره، وأسمنه، وآشره حتى يبطح لها بقاع قرقَر [٥]، فتطؤه بأخفافها، فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى


(٥) المسند (٣/ ٧٥) (١١٧٣٤). قال الترمذي (١٠/ ٣٤٠): رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناده حسن على ضعف في راويه.
(٦) تفسير الطبري (٢٩/ ٧٢).
(٧) المسند (٢/ ٤٨٩ - ٤٩٠).