للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيله، وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره لم يبطح لها بقاع قَرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله. وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره، حتى يبطح لها بقاع قرقَر، فتضؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، ليس فيها عَقصاء ولا عَضباء، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، فيرى سبيله". فقال العامري: وما حق الإِبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطيَ الكريمة وتمنع الغزيرة [١] وتفقر الظهر وتسقي اللبن [٢]، وتطرق الفحل. وقد رواه أبو داود (٨) من حديث شعبة، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عَرُوبة، كلاهما عن قتادة، به.

طريق أخرى لهذا الحديث: قال الإِمام أحمد (٩): حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد، عن سُهَيل [٣] بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى [٤] عليها في دار جهنم، فتكوى بها جبهته وجنبه [٥] وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما يعدون، لم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" … وذكر بقية الحديث في الغنم والإِبل كما تقدم، وفيه، "الخل لثلاثة: [لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر] [٦] إلى آخره.

ورواه مسلم (١٠) في صحيحه بتمامه منفردًا به دون البخاري، من حديث سُهَيل، عن أبيه، عن أبي هُرَيرة وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة في "الأحكام"، والغرض من إيراده هاهنا قوله: "حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".

وقد روى ابن جرير (١١) عن يعقوب، عن [ابن عُلّية] [٧]، وعبد الوهاب، عن أيوب،


(٨) سنن أبي داود في كتاب: الزكاة، باب: في حقوق المال، حديث (١٦٦٠) (٢/ ١٢٥) مختصرًا. والنسائي (٥/ ١٢) كتاب الزكاة، باب: التغليظ في حبس الزكاة بنحو حديث أحمد.
(٩) أخرجه أحمد (٢/ ٢٦٢).
(١٠) ومسلم في كتاب: الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة، حديث (٢٦/ ٩٨٧) (٧/ ٩٤ - ٩٦).
(١١) أخرجه الطبري (٢٩/ ٧٢).