للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن قوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾، قال: فاتهمه [١]، [فقيل له فيه] [٢]، فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال: إنما سألتك لتحدثني. قال: هما يومان ذكرهما الله، الله أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم.

وقوله: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾، أي: اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك [٣]، واستعجالهم العذاب استبعادًا لوقوعه، كقوله: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾، ولهذا قال: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا﴾، أي: وقوع العذاب وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع، بمعنى مستحيل الوقوع، ﴿وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾، أي: المؤمنون يعتقدون كونه قريبًا، وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله ﷿ لكن كل ما هو آت فهو قريب وواقع لا محالة.

﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)

يقول تعالى: العذابُ واقع بالكافرين، ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾، قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وغير واحد: كدرديّ الزيت، [﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾، أي: كالصوف المنفوش، قاله مجاهد، وقتادة، والسدي. وهذه الآية كقوله تعالى:] [٤] ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾.

وقوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾، أي: لا يسأل القريب قريبه [٥] عن حاله، وهو يراه في أسوأ الأحوال، فتشغله نفسه عن غيره.

قال العوفي: عن ابن عباس: يعرف بعضهم بعضًا، ويتعارفون بينهم، ثم يفر بعضهم من


[١]- في ز: فاتهم.
[٢]- سقط من.
[٣]- سقط من ز.
[٤]- سقط من ز.
[٥]- في ز: قريب.