للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا (٢٨)

قوله تعالى آمرًا رسوله أن يقول للناس: إنه لا علم له بوقت الساعة، ولا يدري أقريب وقتها أم بعيد، ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا﴾، أي: مدة طويلة.

وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الحديث الذي يتداوله كثير من الجهلة من أنه لا يؤلّف تحت الأرض، كذب لا أصل له، ولم نره في شيء من الكتب. وقد كان يُسأل عن وقت الساعة فلا يجيب عنها، ولما تبدى له جبريل في صورة أعرابي، كان فيما سأله أن قال له [١]: يا محمَّد، فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" (١١). ولما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جَهوريّ فقال: يا محمَّد، متى الساعة؟ قال: "ويحك! إنها كائنة، فما أعددت لها؟ " قال: أما إني لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام، ولكني أحب الله ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت".

قال أنس: فَمَا فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث (١٢).

وقال ابن أبي حاتم (١٣): حدثنا أبي، حدثنا محمَّد بن مصفّى، حدثنا محمَّد بن حمير [٢]، حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخُدْريّ، عن النبي قال: "يابني آدم، إن كنتم تعقلون [٣] فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده، إنما توعدون لآت.


(١١) تقدم تخريجه في سورة الأعراف، آية ١٨٧.
(١٢) أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: علامة الحب في الله، حديث (٦١٧١) (١٠/ ٥٥٧)، وطرفه في [٧١٥٣]. ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: المرء مع من أحب، حديث (١٦١ - ١٦٤/ ٢٦٣٩) (١٦/ ٢٨٥ - ٢٨٨). كلاهما من حديث أنس بنحو هذا اللفظ من طريق سالم بن أبي الجعد دون قول أنس. وأخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب: ما جاء أن المرء مع من أحب، حديث (٢٣٨٦) (٧/ ١١٦ - ١١٧). وأحمد (٣/ ١٠٤) (١٢٠٣١)، كلاهما من طريق حميد عن أنس بنحو حديث البخاري ومسلم وفيه إِيراد قول أنس.
(١٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل (ص ٢٨ - ٢٩) حديث (٦). وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٩١). والبيهقي في "شعب" الإيمان (٧/ ٣٥٥) (١٠٥٦٤) كلهم من حديث أبي سعيد. قال أبو نعيم: غريب من حديث عطاء وأبي بكر، تفرد به محمَّد. =