للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال أبو داود (١٤) في آخر "كتاب الملاحم": حدثنا موسى بن سهل، حدثنا حجاج بن إبراهيم، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن أبيه، عن أبي ثَعلبة الخُشني قال: قال رسول الله : "لن يعجز [١] الله هذه الأمة [٢] من نصف يوم". انفرد به أبو داود.

ثم قال أبو داود (١٥): حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو المغيرة، حدثني صفوان، عن شُريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص عن النبي أنه قال: "إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم". قيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة عام. انفرد به أبو داود.

وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا (٢٦) إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾، هذه كقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلا بِمَا شَاءَ﴾، وهكذا قال هاهنا: إنه يعلم الغيب والشهادة، وإنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما [٣] أطلعه تعالى عليه، ولهذا قال: ﴿فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا (٢٦) إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾، وهذا يعم الرسول الملكي والبشري.

ثم قال: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾، أي [٤]: يَخْتَصّه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله. ويساوقونه على ما معه من وحي الله؛ ولهذا قال: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا﴾.

وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله: ﴿لِيَعْلَمَ﴾: إلى من يعود؟ فقيل: إنه عائد على النبي .

قال ابن جرير (١٦): حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القُمّي [٥]، عن جعفر، عن سعيد بن


= وقال في تخريج أحاديث الإحياء (٦/ ٢٤٨٢) (٣٩٠٥): رواه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل والطبراني في مسند الشاميين وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب بسند ضعيف.
(١٤) أخرجه أبو داود في كتاب الملاحم، باب: قيام الساعة، حديث (٤٣٤٩) (٤/ ١٢٥). وصححه الألباني في الصحيحة (١٦٤٣).
(١٥) أخرجه أبو داود في الموضع السابق حديث (٤٣٥٠). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣٦٥٦).
(١٦) أخرجه الطبري (٢٩/ ١٢٣) هذا الإسناد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.