للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾، أي: أبصار أصحابها، وإنما أضيف إليها، للملابسة. أي: ذليلة حقيرة؛ مما عاينت من الأهوال.

وقوله: ﴿يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾؟ يعني مشركي قريش، ومن قال بقولهم في إنكار المعاد، يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور. قاله مجاهد. وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها؛ ولهذا قالوا ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ وقرئ: (ناخرة).

و [١] قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: أي بالية. قال ابن عباس: وهو العظم إذا بلى ودَخَلت الريح فيه ﴿قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾.

وعن ابن عباس، ومحمد بن كعب، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي مالك، والسدي، وقتادة: الحافرة الحياة بعد الموت. وقال ابن زيد: الحافرة: النار وما أكثر أسماءها! هي النار، والجحيم، وسقر، وجهنم، والهاوية، والحافرة، ولظى، والحُطَمة.

وأما قولهم: ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾، فقال محمد بن كعب: قالت قريش: لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن.

قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾، أي: فإنما هو أمر من اللَّه لا مثنوية فيه ولا تأكيد، فإذا الناس فيام ينظرون، وهو أن يأمر تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخةَ البعث، فإذا الأولون والآخرون قيام بين يَدَي الرب ﷿ ينظرون. كما قال: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلًا﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾.

قال مجاهد: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾: صيحة واحدة.

وقال إبراهيم التيمي: أشد ما يكون الرب غَضَبًا على خلقه يوم يبعثهم.

وقال الحسن البصري: زجرة من الغضب. وقال أبو مالك والربيع بن أنس: زجرة واحدة: هي النفخة الآخرة.

وقوله: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ قال ابن عباس: (الساهرة) الأرض كلها. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وقتادة، وأبو صالح.


[١]- سقط من ز.