للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [أي: جمع كل شكل إلى نظيره، كقوله: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (١٤): حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الصباح البزار، حدثنا الوليد بن أبي ثور، عن سماك، عن النعمان بن بشير أنه قال: قال رسول الله : " ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾] [١]، قال: الضرباء، كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله". وذلك بأن الله ﷿ يقول: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾، قال: "هم الضرباء".

ثم [٢] رواه ابن أبي حاتم من طرق أخر، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير أن عمر خطب الناس فقرأ: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، فقال: تزوجها أن تؤلف كل شيعة إلي شيعتهم. وفي رواية: هما الرجلان يعملان العمل فيدخلان به [٣] الجنة أو النار.

وفي رواية عن النعمان (١٥) قال: سئل عمر عن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، فقال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، فذلك تزويج الأنفس.

وفي رواية عن النعمان أن عمر قال للناس: ما تقولون في تفسير هذه الآية: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾؟ فسكتوا. قال: ولكن هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة، والرجل في يزوج نظيره من أهل النار، ثم قرأ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ قال: ذلك حين يكون الناس أزواجًا ثلاثة.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، قال: الأمثال من الناس جمع بينهم. وكذا قال الربيع بن خثيم والحسن، وقتادة. واختاره ابن جرير، وهو الصحيح.

(قول آخر) في قوله: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ قال ابن أبي حاتم:

حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني أبي، عن أبيه، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: يسيل [] [٤] واد من أصل


(١٤) وأخرجه ابن مردويه كما في "الدر المنثور" (٦/ ٥٢٧) من حديث النعمان بن بشير بنحوه.
(١٥) أخرجه الطبري (٣٠/ ٦٩). والحاكم (٢/ ٥١٦) وصححه ووافقه الذهبي، كلاهما من طريق سفيان =