للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرش من ماء فيما بين الصيحتين، ومقدار ما بينهما أربعون عامًا، فينبت منه كل خلق بلى، من الإِنسان أو طير أو دابة، ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم علي الأرض قد نبتوا، ثم ترسل الأرواح فتزوج الأجساد، فذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾.

وكذا قال أبو العالية، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري أيضًا في قوله: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾، أي: زوجت بالأبدان. وقيل: زوج المؤمنون بالحور العين، وزوج الكافرون بالشياطين. حكاه القرطبي في "التذكرة".

وقوله: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)﴾ هكذا قراءة [١] الجمهور ﴿سئلت﴾. والموءودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب كراهية البنات، فيوم القيامة تسأل الموءودة على أي ذنب قتلت، ليكون ذلك تهديدًا لقاتلها، فإذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذًا؟!

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾، أي: سألت. وكذا قال أبو الضحى (سألت [٢]، أي: طلبت بدمها. وعن السدي، وقتادة، مثله.

وقد وردت أحاديث تتعلق بالموءودة، فقال الإمام أحمد (١٦):

حدثنا عبد الله بن يزيد [٣]، [حدثنا سعيد] [٤] بن أبي أيوب، حدثني أبو الأسود -وهو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل- عروة عروة، عن عائشة، عن جدامة [٥] بنت وهب- أخت عكاشة؛ قالت: حضرت رسول الله في ناس وهو يقول: "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم، ولا يضر أولادهم ذلك شيئًا". ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله : "ذلك [٦] الوأد الخفي، وهو [٧] الموءودة سئلت".

ورواه مسلم من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ -وهو عبد الله بن يزيد- عن سعيد بن [٨]


= عن سماك عن النعمان بن بشير والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (٦/ ٥٢٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور وأبي نعيم في الحلية.
(١٦) أخرجه أحمد (٦/ ٤٣٤) (٢٧٥٥٤). ومسلم في كتاب: النكاح، باب: جواز الغيلة وهي =