منهم في يوم سبعون ألفًا". قال: وكان إذا حدث بهذا الحديث، [حدث بهذا الحديث][١] الآخر قال: كان ملك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن يتكهن له، فقال الكاهن: انظروا لي غلامًا فهمًا -[أو قال: فطنًا لقنًا][٢]- فأعلمه علمي هذا .. فذكر القصة بتمامها، وقال في آخره: "يقول الله ﷿: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ حتى بلغ: ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾. قال: فأما الغلام فإنه دفن قال [٣]: فيذكر أنه أخرج في زمان عمر بن الخطاب، وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل". ثم قال الترمذي: "حسن غريب" …
وهذا السياق ليس فيه صراحة أن سياق هذه القصة من كلام النبي ﷺ. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: فيحتمل أن يكون من كلام صهيب الرومي، فإنه قال عنده علم من أخبار النصارى، والله أعلم.
وقد أورد محمَّد بن إسحاق (١٤) بن يسار هذه القصة في السيرة بسياق آخر فيها مخالفة لما تقدم، فقال:
حدثني يزيد بن زياد، عن محمَّد بن كعب القرظي -وحدثني أيضًا بعض أهل نجران، عن أهلها أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان، وكان في قرية من قراها قريبًا من نجران- ونجران هي القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد- ساحرٌ يعلم غلمان أهل نجران، السحر، فلما نزلها فيمون- ولم يسموه لي بالاسم الذي سماه ابن منبه، قالوا: رجل نزلها- ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي فيها الساحر، وجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم [٤] إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر، فبعث الثامر ابنه عبد الله بن الثامر مع غلمان أهل نجران، فكان [٥] إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من عبادته وصلاته، فجعل يجلس إليه ويسمع منه، حتى أسلم فوحد الله وعبده، وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم، وكان يعلمه، فكتمه [٦] إيَّاه وقال له: يا بن أخي، إنك لن تحمله، أخشى ضعفك عنه. والثامر أبو عبد الله لا يظنن إلا أن [٧] ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه، وتخوف ضعفه فيه، عمد إلى أقداح فجمعها، ثم لم يبق لله اسمًا يعلمه إلا كتبه في قدح، وكل اسم في قدح، حتى إذا أحصاها أوقد نارًا ثم جعل يقذفها فيها قدحًا قدحًا، حتى إذا مر بالاسم الاعظم قذف فيها بقدحه،