للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمُوسَى ﴿(١٩)

يقول تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾، أي: طهر نفسه من الأخلاق الرذيلة، وتابع ما أنزل الله على الرسول صلوات الله وسلامه عليه ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾، أي: أقام الصلاة في أوقاتها، ابتغاء رضوان الله وطاعة لأمر الله وامتثالًا لشرع الله. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار (٢٣):

حدثنا عباد بن أحمد العرزمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، عن النبي : ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾، قال: "من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله"، ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾، قال: "هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها".

ثم قال: لا يروى عن جابر إلّا من هذا الوجه.

وكذا قال ابن عباس: إن المراد بذلك الصلوات الخمس. واختاره ابن جرير.

وقال ابن جرير: حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي [١]، حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي خلدة قال: دخلت على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غدًا إلى العيد فمر بي. قال: فمررت به فقال: هل طعمت شيئًا؟ قلت: نعم. قال: أفضت على نفسك من الماء؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني ما فعلت [بزكاتك؟ قلت] [٢]: وكأنك قلت: قد وجهتها؟ قال: إنما أردتك لهذا. ثم قرأ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾. وقال: إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء.

قلت: وكذلك [٣] روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.

وقال أبو الأحوص: إذا أتى أحدكم سائل وهو يريد الصلاة، فليقدم بين يدي صلاته زكاته، فإن الله يقول: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.

وقال قتادة في هذه الآية: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾: زكى ماله،


(٢٣) كشف الأستار (٢/ ١١٧) (١٥٢٩). قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ١٤٠): رواه البزار عن شيخه عباد ابن أحمد العرزمي وهو متروك.