للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن، فقال: يا أبه! من جاءك بهذا؟ قال: جاء به من هو أنشط منك، فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى إبراهيمَ ربُّه، فقال: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

وفي هذا السياق ما يدل على أن قواعد البيت كانت مبنية قبل إبراهيم، وإنما هُديَ إبراهيم إليها وبُوِيء لها. وقد ذهب إلى هذا [١] ذاهبون، كما قال الإمام عبد الرزاق (٨١٢): أخبرنا معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيتِ﴾ قال: القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك.

وقال عبد الرزاق أيضًا (٨١٣)، أخبرنا هشام بن حسان، عن سوّار ختن عطاء، عن عطاء بن أبي رباح، قال: لما أهبط آدم من الجنة، كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، يسمع [٢] كلام أهل السماء، ودعاءهم، يأنس إليهم، فهابته الملائكة، حتى شكت إلى الله في دعائها وصلاتها. فخفضه الله تعالى إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه، وفي صلاته، فوَجَّه إلى مكة، فكان موضع قَدَمه قرية، وخَطْوُه مفازة، حتى انتهى إلى مكة، وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة، فكانت على موضع البيت الآن. فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان، فرفعت تلك الياقوتة، حتى بعث الله إبراهيم ، فبناه. وذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيتِ﴾.

وقال عبد الرزاق (٨١٤): أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: قال آدم؛ يارب [٣] إني لا أسمع أصوات الملائكة، قال: بخطيئتك، ولكن اهبط إلى الأرض، فابن لي بيتًا، ثم أحفُفْ به، كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء، فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل: من حراء، وطور زيتا، وطور سيناء، [وجبل لبنان] [٤]، والجودي. وكان رَبَضَهُ من حراء، فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم بعد.

وهذا صحيح إلى عطاء، ولكن في بعضه نكارة، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق أيضًا (٨١٥): أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: وضع الله البيتَ مع آدم


(٨١٢) - تفسير عبد الرزاق (١/ ٥٨ - ٥٩).
(٨١٣) - رواه ابن جرير في تفسيره ٢٠٤١ - (٣/ ٥٩) من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرزاق، به.
(٨١٤) - رواه ابن جرير في تفسيره ٢٠٣٧ - (٣/ ٥٧ - ٥٨) من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرزاق، به.
(٨١٥) - رواه ابن جرير في تفسيره ٢٠٤٢ - (٣/ ٥٩) من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرزاق، به.