للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ها هنا من جملة الموصين، وقوله:] [١] ﴿يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أي: أحسنوا في حال الحياة، والزموا هذا ليرزقكم الله الوفاة عليه. فإن المرء يموت غالبًا على ما كان عليه، ويبعث على ما مات عليه، وقد أجرى الله الكريم عادته بأن من قصد الخير وفق له ويسر عليه، ومن نوى صالحًا ثبت عليه؛ وهذا لا يعارض ما جاء في الحديث الصحيح [٢]: "إن [٣] الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، [فيدخلها" (٨٤٥).

لأنه قد جاء في بعض روايات هذا الحديث: "فيعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس" (٨٤٦)] [٤] وقد قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى [٥] (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾.

﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَال لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

يقول تعالى محتجًّا على المشركين من العرب أبناء إسماعيل، وعلى الكفار من بني إسرائيل- وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم [٦] السلام - بأن يعقوب لما حضرته الوفاة، وصى


(٨٤٥) - البخاري من حديث ابن مسعود في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته برقم (٣٣٣٢)، وطرفه (٦٥٩٤). ورواه مسلم في القدر (٢٦٤٣)، وأبو داود في السنة (٤٠٨٥)، والترمذي في القدر (٢١١٣) وابن ماجه (٧٦). وأحمد برقم (٣٩٢٤ إحياء التراث).
(٨٤٦) - رواه البخاري درقم (٢٨٩٨) من حديث سهل بن سعد، وطرفه (٤٢٠٢، ٤٢٠٧)، ورواه مسلم (١١٢) في الإيمان، وأحمد (٢٢٣٠٦ إحياء التراث).