للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس: اكتب. حتى سأله عن التفسير كله؛ ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.

وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم، فتذكر [١] أقوالهم في الآية، فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافًا فيحكيها أقوالًا، وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنطره، ومنهم في ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.

وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح.

أمّا إذا أجمعوا [٢] على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون [] [٣] بعضهم حجة على [] [٤] بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.

فأمّا تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، لما رواه محمد [٥] بن جرير -رحمه الله تعالى- حيث قال (١٧): ثنا محمد بن بشار، ثنا [يحيى] [٦] بن سعيد، ثنا سفيان، حدّثني عبد الأعلى -هو ابن عامر الثعلبي- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ؛ قال: "من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم، فليتبوّأ مقعده من النار".

وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به (١٨).

ورواه أبو داود (١٩) عن مسدّد، عن أبي عوانة، عن عبد الأعلى به مرفوعًا [٧].


(١٧) - إسناد ضعيف، تفسير ابن جرير ٧٤ - (١/ ٧٧). وفي إسناده عبد الأعلي بن عامر الثعلبي: ضعفه أحمد وأبو زرعة. وقال أحمد بن زهير عن يحيى: ليس بذاك القوي (الميزان ٢/ ٥٣٠).
(١٨) - إسناده ضعيف، رواه الترمذي برقم (٢٩٥١)، والنسائي في الكبرى برقم (٨٠٨٤)، ورواه أحمد برقم ٢٠٦٩، ٢٤٢٩ - (١/ ٢٣٣، ٢٦٩)، ومداره على عبد الأعلي بن عامر.
(١٩) - كما في تحفة الأشراف (٤ / رقم ٥٥٤٣).