تنبع قيمة الكتب من ما حظى به مؤلفوها من تقدير لآرائهم واجتهاداتهم، وإقرار بصحة ترجيحاتها من العلماء المتصدرين للمحيط الفقهي المذهبي في أي فترة أو مرحلة من المراحل، وحياة الكتب - علمياً- تمتد بامتداد هذا التقدير، والاعتراف لما تضمنته من آراء، واجتهادات، وتخريجات.
ومن ثم فقد ظلت دواوين المذهب وأمهاته، محور اهتمام العلماء في هذه المرحلة، بل وما بعدها، هو اهتمام وتقدير واعتماد زاده نبوغ علماء أفذاذ في هذه المرحلة، جعلوا تلك الأمهات والدواوين الأساس لدراساتهم واجتهاداتهم، مع حرصهم على إعادة تقديم تلك الأمهات في ثوب جديد يتلائم مع التطور العلمي لمختلف فروع المذهب، ويتجانس مع ما توصل إليه هذا الرعيل الجديد من العلماء من اجتهادات وترجيحات، خاصة بعد أن اكتمل الحصر العلمي لآراء مالك، وسماعات تلاميذه على اختلاف فروع المذهب، ومدارسه.
فقد " ... عكف أهل القيروان على هذه المدونة، وأهل الأندلس على الواضحة والعتبية، ثم اختصر ابن أبي زيد المدونة والمختلطة في كتابه المسمى بالمختصر، ولخصه أيضاً أبو سعيد البراذعي من فقهاء القيران في كتابه المسمى بالتهذيب، واعتمده المشيخة من أهل