المنهج الثاني: يرى اعتماد الأحاديث التي أيدها العمل وتقديمها، وبتعبير أوضح يتبنى "الفقه الذي اعتمد قبل كل شيء على السنة الاثرية وما تقتضي من مسايرة العمل، ومن اتخاذ عمل أهل المدينة عملاً مثالثاً، ومفسراً للسنة"(١).
وقد تزعم هذا الاتجاه أكثر تلاميذ مالك المصريين، وعلى رأسهم عبد الرحمن بن القاسم.
يصور يحيى بن يحيى الليثي هذين المنهجين فيقول:
"كنت آتي عبد الرحمن بن القاسم فيقول لي: من أين يا أبا محمد؟ فأقول: من عند عبد الله بن وهب. فيقول لي: اتق الله؛ فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العمل.
ثم آتي عبد الله بن وهب، فيقول لي: من أين؟ فأقول: من عند ابن القاسم. فيقول لي: اتق الله يا أبا محمد؛ فإن أكثر هذه المسائل رأي".
(١) ندوة الإمام مالك (لمحة عن أصول الإمام مالك ... ٢/ ٧٩).