للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأخر المدونة تأليفاً مع تميزها برواية ابن القاسم وأقواله، منحها درجة التفضيل والتقديم، فهي تقدم الصيغة الأخيرة لاجتهاد الإمام، وما توصل إلهي من آراء فقهية، قد تختلف عما جاء في الموطأ المتقدم تأليفاً، هذا الاختلاف نتيجة حتمية لتغير آراء المجتهد في القضايا التي تعرض عليه في ضوء إعادته النظر والتأمل، استنباطاً وأدلة، "فقد اتفق المالكية على أن روايته [ابن القاسم] في المدونة تقدم على كل ما يخالفها" (١)؛ إذ "كان عالماً بالمتقدم من قوله [مالك] والمتأخر؛ ولما وقع الاتفاق على الثقة بعلمه، وورعه، علم أن ما أجاب في المدونة إلا بما يرى أنه يسعه من الله تعالى أن يحمل الناس على العمل به، وغلب على الظن أنه إنما يجيب في المسائل بقول مالك الأخير حيث يختلف قوله ... " (٢).

ويظل الموطأ قرة عين المذهب، رائداً لا ينافس في التدليل للرأي وقوته، وما يترتب على ذلك من ترجيح، وتشهير، حسب ما يتضح من البحث إن شاء الله تعالى.

تصنيف الآراء الفقهية اعتماداً وترجيحاً:

ورث المتأخرون من علماء المالكية تراثاً ضخماً من الآراء


(١) فتح العلي المالك (١/ ١٠٦).
(٢) كشف النقاب الحاجب (ص ٦٨)، وانظر: تبصرة الحكام (١/ ٤٧ - ٤٩).

<<  <   >  >>