للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يفسر يحيى بن يحيى - رحمه الله تعالى هذين المنهجين فيقول: "رحمها الله، فكلاهما قد أصاب في مقالته. نهاني ابن القاسم عن اتباع ما ليس عليه العمل من الحديث وأصاب، ونهاني ابن وهب عن غلبة الرأي وكثرته، وأمرني بالاتباع وأصاب" (١).

"ولقد حاول بعض متأخري المالكية التوفيق بين الاتجاهين، لكن هذه الجهود لم تغير الخط الذي رسمه لنا ابن القاسم" (٢)، فمنهجه هو الذي كان عليه اعتماد أكثر المالكية، وهو الذي ساد على اتجاه أكثر المدارس المالكية.

العامل الثالث:

أما العامل الثالث الذي ساعد على ظهور المدارس المالكية فهو البيئة العلمية، فقد ساعدت البيئة العلمية الفقهية في العراق على نشوء منهج يختلف عن المنهجين السابقين؛ إذ هو منهج متأثر "بمنهج أهل الرأي" الذي كان سائداً في العراق بانتشار مذهب الحنفية فيه.

وتزعم هذا المنهج _ الذي ظهر متأخراً عن المنهجين السابقين - المالكية العراقيون، وعلى رأسهم إسماعيل بن إسحاق القاضي، الذي "صنف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح له ما صار لأهل


(١) ترتيب المدارك (٣/ ٣٨٧).
(٢) ندوة مالك (لمحة عن أصول فقه الإمام مالك ٢/ ٧٩).

<<  <   >  >>