" الذي دلت عليه الأخبار ... أن مالكاً صنف كتباً متعددة غير الموطأ ... قال في المدارك: له أوضاع كثيرة، وتآليف غير الموطأ رواية عنه، أكثرها بأسانيد صحيحة في غير فن من العلم. لكن لم يشتهر عنه غير الموطأ، وسائر تآليفه إنما رواها عنه من كتب بها إليه، أو سأله إياها، أو آحاد من أصحابه، ولم يروها الكافة"(١).
لكن الذي لا يختلف فيه اثنان، ولا تنتطح فيه عنزان أن الكتاب الذي خلد مالكاً هو كتابه "الموطأ"، وهو كتاب جمع بين دفتيه ما تمحص لمالك من الأحاديث المختارة في أبواب الفقه المختلفة، متبعاً ذلك أحياناً بآرائه الفقهية، واستنباطاته، وترجيحاته، فالموطأ جمع بين التخصيص اللذين اشتهر بهما مالك - رحمه الله - الحديث والفقه، وتلك إشارة واضحة من مالك - رحمه الله - بأن مذهبه الفقهي لا ينفصل عن السنة والأثر بحال، وقد كان لهذه الإشارة أثرها كمبدأ قام بدور ظاهر في تطور اتجاهات المذهب ومدارسه.
(١) السيوطي، جلال الدين، تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك (صُدِّر به الجزء الأول من المدونة الكبرى للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد مع مقدمات ابن رشد ١/ ٤٠)؛ ترتيب المدارك (٢/ ٩٠) وما بعدها.