كان لهذه السمات الشخصية العلمية أثرها الملموس في المدرسة المالكية في النشوء بخاصة، وفي الأدوار التالية بعامة.
[شخصية مالك العلمية]
شخصية مزدوجة التخصص، انعقد له لواء علم الحديث، كما انعقد له لواء علم الفقه، ومن ثم فمالك مؤسس لمدرستين: مدرسة حديث، ومدرسة فقه، هاتان المدرستان منفصلتان ومرتبطتان علمياً في آن واحد. منفصلتان في التخصص الدقيق، ومرتبطتان في اعتماد الثانية على الأولى استنباطاً، واستدلالاً.
"واعلم أن هناك فرقاً بين المحدث والفقه:
أولاً: فوظيفة المحدث هي رواية الحديث، وتمييز التحريف من غيره، وشرح الغريب، وبيان معنى العبارة حسب ما تقتضيه اللغة العربية، ومعرفة أسماء الرجال جرحاً وتعديلاً، وضبطاً لمشكله، والحكم بصحة الحديث أو ضعفه، والاعتبار بالشواهد والمتابعات، والحكم عليه بالاستفاضة والغرابة، وتسمية المبهم وما يشابه ذلك، وإذا بلغ المحدِّث هذه المرتبة فقد ارتقى إلى ذروة الحفظ، والضبط، والاتقان.
ثانياً: ووظيفة المجتهد [الفقيه] تحديد الألفاظ الواردة التي يقع فيها الاشتباه، وتعيين الأركان، والشروط، والآداب من كل شيء، وتعيين الندب أو الوجوب من الصيغ الدالة على الأمر، وتعيين