للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١ - دور النشوء: التأسيس والتأصيل]

المدينة المنورة، مولد المدرسة المالكية، فيها نشأت، وبين أحضانها ترعرعت. والمجتمع المدني آنذاك كان أقرب المجتمعات الإسلامية إلى المجتمع النبوي، وكان المجتمع العلمي فيها أكثر المجتمعات صفاءً، ونقاءً، وبعداً عن التأثيرات العقدية، والنزاعات الخارجية الفاسدة (١)، والاتجاهات السياسية التي سادت أنحاء أخرى من المجتمع الإسلامي، "ولم يكن الوضاعون، والمدلسون بالذين تنفق بالمدينة خزعبلاتهم، ولا تروج ترهاتهم؛ إذ كانت المدينة مكتظة بأهل العلم والأثر، هجيراهم الرواية والتحديث، ودراسة العلم، ودينهم التمسك بالحق الصريح، فلو رمى أحد الوضاعين بين ظهرانيهم بحصاة لنفوه، فإن المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها" (٢). هذا هو المجتمع العلمي الذي عاشه مالك، ودرس فيه، فكان ولابد أن يؤثر فيه، ويخلق منه شخصية فريدة علماً، وسلوكاً، ومنهجاً.

"وقد خلص علم فقهاء المدينة إلى مالك بن أنس - رحمه الله - وكانت زكانة رأيه، وصلابة دينه، وقوة نقده قد هيأت له بتوفيق الله تعالى ذلك المقام الجليل: مقام الضبط، والتصحيح، والتحرير" (٣).


(١) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٢/ ٣٠٠ - ٣٠١).
(٢) ابن عاشور، محمد الطاهر، كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ (ص ٨).
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>