للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دويلات وما أعقبه من غزو أسباني اكتسح الدولة الإسلامية اكتساحاً كاملاًن خرج إثره المسلمون من الأندلس (١)، فغابت المدرسة الأندلسية المالكية تدريجياً، ولكن تأثيرها العلمي ظل ماثلاً قوياً في المذهب من خلال انصهارها مع المدرسة الإفريقية بعامة، بعد أن هاجر علماء الأندلس إلى شمال إفريقيا بأقطاره المختلفة، وإن كانت إقامتهم تركزت غالباً في المغرب (فاس) وتونس (القيروان).

ومن ثم لم يبق في ميدان النشاط المذهبي إلا المدرستان: المصرية، والإفريقية المغربية بالمعنى الواسع.

وكان بين هاتين المدرستين - المصرية والمغربية - تواصل مطرد منعكس، "فالمذهب المالكي بعد أن انقطع علماؤه من الديار المصرية في أواخر القرن الرابع تحت حكم الفاطميين، بدأ يعاود منزلته في أواخر القرن السادس بمن رحل إلى مصر من الأفارقة، والأندلسيين، والصقليين، الذين رفعوا لاء المذهب المالكي فيها من جديد ... ، فشاعت بذلك الكتب المغربية، ومناهج الدراسة الإفريقية، والأندلسية ... ، وكذلك استمر هذا التواصل المطرد المنعكس بين القاهرة وتونس يزيد ثباتاً وتوثقاً بابن الحاجب، والقرافي (٢) ... ، إذ


(١) انظر: شجرة النور الزكية، القسم الثاني (ص ١٥٠ - ١٥١).
(٢) شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن أبي العلاء، إدريس بن عبد الرحمن القرافي، الصنهاجي، المصري، وحيد دهره، وفريد عصره، أحد الأعلام المشهورين، شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك (توفي سنة ٦٨٤ هـ). انظر: الديباج المذهب (١/ ٢٣٦ - ٢٣٩)، حسن المحاضرة (١/ ٣١٦)، شجرة النور الزكية (ص ١٨٨ - ١٨٩)، الفكر السامي (٢/ ٢٣٣).

<<  <   >  >>