الزهري، عن سالم، عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه، فقال أبو حنيفة: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه إلا عند افتتاح الصلاة، ولا يعود لشيء من ذلك؟ فقال الأوزاعي: أحدثك عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وتقول: حدثني حماد، عن إبراهيم؟ ! فقال له أبو حنيفة: كان حماد أفقه من الزهري، وكان إبراهيم أفقه من سالم، وعلقمة ليس بدون ابن عمر، إن كان لابن عمر صحبة، أو له فضل صحبة، فالأسود له فضل كثير، وعبد الله هو عبد الله. فكست الأوزاعي" (١)، مناقشة هادئة هادفة بين إمامين، للوصول إلى الحق، واحترام كل لرأي الآخر، ودليله.
أما الإمام محمد بن حسن الشيباني فيؤلف كتابه: "الحجة على أهل المدينة"، يناقش فيه آراء المالكية مؤيداً مذهب شيخه الإمام أبي حنيفة، ولا يتردد في ترجيح رأي الإمام مالك إذا تبين له - بعد المناقشة - صحة دليله، وقوته.
في مسألة إمامة المصلي جالساً يقول: "قول أهل المدينة في هذا
(١) الثعالبي، محمد بن الحسن الحجوي، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (١/ ٣٢٠ - ٣٢١).