اتفق الأشاعرة على أن الأمر متعلق في الأزل بالمأمور المعدوم حينئذ تعلقاً معنوياً وأن له تعلقاً آخر تنجيزياً حادثاً عند بلوغه إلينا ونزوله ويسمى الأول بالتعلق بالمعنوي وهو صلوحي. وهذا خارج عن غرض الأصولي وإنما ذكرت هنا لأنها أصل المسألتين بعدها. وأما المسألة الثانية فهي كيفية التعلق بالتنجيزي فهو عند الأشاعرة تعلقان تعلق إلزام بالمخاطب المكلف بالحكم المستجمع لشرائط التكليف بعد دخول وقت التكليف، وتعلق اعلام لمن سيأتي بعد ممن يراد شمول الحكم له أو لمن لم يستجمع الشرائط أو للمستجمع قبل دخول وقت التكليف. وهذان التعلقان تنجيزيان وهي متفرعة عن تعلق الأمر بالمعدوم لأن التعلق الإعلامي يشتمل في أحد أحواله الثلاثة على تعلق بالمعدوم إلا أن لهاته المسألة فيما أرى نفعاً في علم أصول الفقه فهي به أعلق من الأخرى السابقة لأن بهاته المسألة تتبين كيفية تعلق الأوامر بالمكلفين مع تجددهم جيلاً بعد جيل وكيفية تعلقه بالموجودين قبل حصول الأسباب أو عند انتفاء الشروط مثلاً فالتعلق الإعلامي هو الذي يدفع الحيرة في هذا المقام ومعناه يؤل إلى تنبيه الشخص بأنه سيصير مكلفاً في حالة أو وقت يأتي. وأما المسألة الثالثة وهي وقت تعلقه فقد اختلف فيها الأشاعرة فقال الشيخ والجمهور وكافة المعتزلة هو متعلق بالفعل قبل المباشرة والتكليف واقع قبل الاستطاعة عنده كما قال الغزالي سواء في ذلك الإعلام والالزام، أما الإعلامي فظاهر وأما الإلزامي فللتفادي من لزوم انتفاء العصيان عند ترك المباشرة فتكون المباشرة نفسها مأموراً بها لأنها وسيلة للمأمور به وتغاضوا عن إلزام أورده المعتزلة بأن المكلف مأمور بما ليس من فعله لأن جوابه