للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الجواب عن أصل مسألة قدرة العبد وهو الرجوع إلى أن الله لا يسأل عما يفعل على رأي الجمهور وإلى إثبات جواز التكليف بما لا يطاق وقد جعل الغزالي هاته المسألة أحد سببين للقول بجواز التكليف بالمحال. وذهب فريق من الأشاعرة إلى أن تعلق الأمر بالفعل يكون عند المباشرة المعبر عنها عندهم أيضاً بالاستطاعة وإليه مال المصنف تبعاً للإمام وكثير من المتأخرين لأنه أنسب بقواعد الأشعري في الكسب ولأنه التزامه كون التكليف قبل الاستطاعة لا يخلو من مخالفة لأصوله وجعلوا الحاصل قبل ذلك إعلاماً وأجابوا عن إلزام عدم تحقق العصيان بأن العصيان نشأن من التلبس بالكف عن الفعل وهو أي الكف منهي عنه لأن الأمر بالفعل نهي عن ضده وهو كلام لا طائف تحته وإن زعمه البعض تحقيقاً لأنه على صورة التحقيق في إيراد عدة نقوض وأجوبة عنها ولكن بما لا يتم إذ الأمر الإلزامي الذي حاولوا التفصي من فرض عدم امتثاله هو الذي اقتضى النهي عن ضد المأمور به وكلاهما لا يحصل إلا عند المباشرة ولذلك قال التفتازاني أن هذا القول مشكل وأوشك المص أن يعترف بعدم جدواه إذ قال "ومقصودنا بهذا بيان صفة التعلق" كما سيأتي بيان كلامه. أما المعتزلة فإنهم أثبتوا قدرة كاملة للعبد على أفعاله فالمسألة عندهم هينة لأن التكليف عندهم خطاب للعبد بأن يفعل ما هو قادر على تحصيله فإن لم يمتثل كان عاصياً. إذا تقرر هذا يظهر أن المص مزج المسألتين الثانية والثالثة فصيرهما مسألة واحدة غذ جعل الحاصل قبل الملابسة أو المباشرة إعلاماً فجعل الإعلامي من الأزل إلى وقت المباشرة وحينئذ يبتدئ الإلزامي فيصدق الإعلامي على التعلق المعنوي الذي هو قبل وجود المكلف

<<  <  ج: ص:  >  >>