المصالح والمفاسد وذانكم مرتبة الوجوب ومرتبة التحريم أما المندوبات والمكروهات فمتممات للتشريع وترغيبات لمقاصد أخرى فساغ هذا التغليب للأهم وإن كان أقل وهو ما سماه المصنف توسعاً. هذا إذا كان المراد الكلفة الأخروية ولو فسر التكليف بما فيه كلفة دنيوية وهي مخالفة ميل النفس غالباً لم يخرج عنه إلا الإباحة لأن المندوب يتكلف لفعله كالمكروه لتركه فه إذاً من تغليب الأكثر. هذا والمراد عند الجمهور من الكلفة التي في التكليف الكلفة الدنيوية التي هي تكلف فعل الواجب وترك المحرم كما أشار له ابن راشد في مقدمة اللباب والمصنف جعلها توقع العقاب فجعلها في ترك الواجب وفعل المحرم (قوله ويدل على اشتراط العلم في التكليف قوله تعالى وما كنا معذبين الخ) إن فضل الله تعالى قضى أن لا يؤاخذ الخلق إلا بعد تعريفهم بما أراد منهم على ألسنة الرسل عليهم السلام فإذا بعث رسول يدعو أمة فمن عداها من الأمم لا يلزمها الاتباع لجواز التفاوت في الاحتياج إلى التشريع واختلاف مقتضى التشريع فإن اتبع قوم رسول آخرين جاز لهم إن لم يكن لهم شرع صحيح. أما معرفة الله تعالى بما دل عليه صنعه من الوجود وصفات الكمال فهي مخاطب بها جميع الأمم سواء جاءهم رسول بشريعة أم لا لما دلت عليه النصوص الكثيرة من مؤاخذة أهل الفترة على الشرك كما صححه علماؤنا ولكنهم اختلفوا في توجيه ذلك فرات طائفة منهم الإمام أبو حنيفة رحمه الله أن الإيمان بالله وصفاته واجب عقلاً لأنه لا يحتاج إلى تنبيه الشرائع بل كل من نظر علم وجود الخالق وقدرته ولا عذر لمن جهل ذلك وتناول أصحابه الرسول في الآية بما يشمل العقل وكيفما