كان فالجمع بين المتعارضات يقتضي تأويل الآية بما يشمل العقل أو تخصيصها بغير الإيمان. ورأى الجمهور أن لا شيء من الأحكام بثابت بالعقل وصحة استنتاج النظر الصحيح للعلم لا يوجب المؤاخذة على الترك لأنه قد يفوت الشيء المهم وهو صرف النظر إليه والتنبه للاندراج والإلجاز إدراك كثير من أحكام الشريعة بالعقل وها هنا افترقوا فمنهم من منع تكليف أهل الفترة بالإيمان وهم الأقل من المتكلمين. ومنهم من أثبته للنصوص الدالة الكثيرة وبيانه: أن الحكمة في إرسال الرسل بيان الأحكام المجهولة فإن كانت مما يختلف باختلاف العصور والأمم فلابد من تجديد الرسول ولذلك لا يؤاخذ أهل الفترة على العصيان وإن كانت تلك الأحكام مما لا يختلف كالإيمان كفى فيها الخطاب الشائع على السنة الرسل من مبدأ الخليقة فيكون قوله تعالى حتى نبعث رسولاً غير مخصوص ولا مقيد ففي الأحكام العملية بحسب بيان الرسول. وفي التوحيد بالخطاب من الرسل الأولين الشامل لجميع البشر لأن المقصود إيقاظ الفطرة وإلى هذا مال القاضي أبو بكر ابن العربي وغيره وسيأتي زيادة تحقيق وبيان لوجه الاستدلال بالآية في الفصل السابع عشر في الحسن والقبح (قوله نحو التوريث بالأنساب الخ) وكذلك أوقات الصلوات فإنها يترتب بدخولها الوجوب وإن لم يعلم بدخولها المكلف ولذلك متى علم وجب عليه القضاء وإن كان بعد خروج الوقت لأن القضاء بالأمر الأول ولأن القضاء يقتضي سبق الوجوب على ما تقدم وإلا لوجب القضاء على الصبي يبلغ بعد الوقت والمرأة تطهر بعد خروجه (قوله وبعض الأسباب يشترط فيه العلم والقدرة الخ) هذا ما يشير إليه قوله في المتن "وليس ذلك عاماً فيها" وبه لا يتم الفرق بين الخطابين ويوقع في لبس عظيم فالتحقيق أن بين العلمين فرقاً