ظنية؛ وقال البزدوي وجماعة من الحنفية: الإجماع مراتب: فإجماع الصحابة مثل الكتاب والخبر المتواتر, وإجماع من بعدهم بمنزلة المشهور من الأحاديث، والإجماع الذي سبق فيه الخلاف في العصر السالف بمنزلة خبر الواحد, واختار بعضهم في الكل أنه يوجب العمل لا العلم, فصارت المذاهب أربعة: يوجب العلم والعمل، لا يوجبهما، يوجب العلم حيث اتفقوا عليه قطعًا، يوجب العلم في إجماع الصحابة؛ وقد أورد صاحب التقويم:"أن الإجماع قد يقع عن أمارة, فكيف يوجب العلم إجماع تفرع عن الظن؟ وأجاب بأن الموجب لذلك اتصالها بالإجماع, وقد ثبت عصمتهم من الخطأ, فكان بمنزلة الاتصال برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقريره على ذلك؛ وأما أن الإجماع من الأصول الكلية التي يحكم بها على القواطع التي هي نصوص الكتاب والسنة المتواترة, فلا بد أن يكون قاطعًا; لاستحالة رفع القاطع بما ليس بقاطع, وحكى الأستاذ أبو إسحاق في تعليقه, والبندنيجي في الذخيرة: "قولين في أن لفظ الإجماع هل يطلق على القطعي والظني , أو لا يطلق إلا على القطعي؟ وصرحا بأنه خلاف في العبارة".اهـ
قلت: وبعض هذه الأقوال نابع من قول طائفة المتكلمين من أن خبر الواحد يفيد الظن؛ وهذا القول بظنية حديث الواحد بله الإجماع لم يُعرف في عصر الصحابة، وإنما نشأ مع نشأة علم الكلام؛ أما قول أصحاب الحديث والأثر الذين بنوا دينهم على أصول الصحابة؛ فهو: إن خبر الواحد الثابت يفيد العلم اليقيني ويوجب العمل.
- شروط صحة الإجماع:
أولاً: الشرط الخاص بِحال من ينعقد بِهم الإجماع: وفيه مسائل:
[(المسألة الأولى): الإجماع المعتبر في كل فن]
قال الزركشي في البحر المحيط (٦/ ٤١٥): "يشترط في الإجماع في كل فن من الفنون أن يكون فيه قول كل العارفين بذلك في ذلك العصر, فإن قول غيرهم فيه يكون بلا دليل بجهلهم به, فيشترط في الإجماع في المسألة الفقهية قول جميع الفقهاء, وفي