كَفَرُوا} خبر ويل، وقوله: {مِنَ النَّارِ (٢٧)} بيان لويل، أي: أن هذا الشيء العظيم يكون للذين كفروا من النار.
ثم قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} أم: هنا منقطعة؛ لأنه لم يذكر لها معادل، فهي بمعنى (بل) والهمزة، يعني بل أنجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهذا الاستفهام المقصود به النفي والاستنكار، يعني لا يمكن أبداً أن نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، والمراد بالاستفهام النفي والإنكار، والإضراب هنا انتقالي {أَمْ نَجْعَلُ} أي: نصيّر، فهي تنصب مفعولين: الأول: {الَّذِينَ آمَنُوا}، والثاني:{كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ} أي: لا يمكن أن نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض.
وقوله:{الَّذِينَ آمَنُوا} أي: صدقوا بما يجب التصديق به على وجه القبول والإذعان، أي: تصديقاً مستلزماً للقبول والإذعان، وقوله:{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: عملوا الأعمال الصالحات، والأعمال الصالحات هي التي اجتمع فيها شيئان: الأول: الإخلاصِ لله عز وجل، والثاني: المتابعة لشريعة الله، فمن عمل عملاً موافقاً للشريعة في ظاهره لكنه يرائي فيه، فعمله ليس بصالح، لاختلال الإخلاص لله، والذي عمل عملاً مخلصاً فيه لله يريد به وجه الله، لكنه على غير الشريعة، ليس بصالح لأنه غير موافق لشريعة الله. فلا بد من أن يكون العمل خالصاً لله، وموافقاً لشريعة الله.