للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول الله تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)} هو، أي: النبأ الذي أنبأتكم به والذي جئت به منذرًا؛ نبأ عظيم، والنبأ بمعنى الخبر، لكنه لا يكون إلا في الأمر الهام. قال الله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: ١ - ٢] ووصف الله هذا النبأ بأنه عظيم، وهو القرآن، وقد وصف الله القرآن بأنه عظيم وكريم ومجيد؛ لأنه يتصف بهذه الصفات، ومن أخذ به نال من هذه الأوصاف بقدر ما أخذ به.

{أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)} جملة استئنافية يراد بها لفت الانتباه إلى فداحة ما يرتكبونه من جريرة الإعراض عن ذلك النبأ، وهو القرآن، وشدة الشناعة على هؤلاء المكذبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم مع هذا النبأ العظيمٍ لم يقبلوا عليه، بل أعرضوا عنه، ولم يلتفتوا إليه، ولم يقيموا له وزنًا.

{مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى} يعني هذا النبأ العظيم لا يمكن أن آتي به من عند نفسي، لأنه ليس لي علم بالملأ الأعلى، يعني: الملائكة فهم ملأ لكنهم فوق، إذ إن الأصل في مساكنهم السماوات، ولكن ينزلون إلى الأرض لأداء الوظائف التي كُلِّفوا بها {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى} قال المؤلف: [أي: الملائكة {إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩)} في شأن آدم حين قال الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: ٣٠]] والصحيح أن معنى الآية أعم مما قاله المؤلف، لأن {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ

<<  <   >  >>