تعرفون كل ذي حاجة فهو أعمى، قالوا: هذا الذي أغلق باب بيته أو محرابه نتسلق أو نتسور عليه، نأتيه من فوق، فتسوروا المحراب، يقول المؤلف:[حيث مُنعوا الدخول عليه من الباب لِشَغَلِهِ بالعبادة، أي: خبرُهم وقصتُهم] فهو عليه الصلاة والسلام أغلق الباب, لأنه أراد أن يتعبد لله، وهذا لا شك أنه يمنع من وصول الخصوم إليه، لكن الله سبحانه وتعالى سلط هؤلاء حيث جاؤوا فوجدوا الباب مغلقًا، أو مُنعوا من الدخول، فتسوروا المحراب من السور.
قال الله تعالى:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ}"إذ" بدل من "إذْ" الأول، ويحتمل أن تكون متعلقة بتسوروا، وأنا أقول هكذا؛ لأن إذ: ظرف، والظرف والجار والمجرور لا بد لهم من متعلق، {فَفَزِعَ مِنْهُمْ} أي: خاف، وذلك لأنهم جماعة وتسوروا المحراب، ومثل هؤلاء يخيفون. أرأيت لو أن أحدًا تسوّر عليك البيت وهم جماعة، لا شك أنك ستخاف، والخوف هنا طبيعي تقضيه الطبيعة والجبلة، ففزع منهم، فلما رأوه قد فزع {قَالُوا لَا تَخَفْ} يعني أننا ما جئنا لقتل ولا نهب ولا تخريب {خَصْمَانِ} أي: نحن خصمان، [قيل: فريقان ليطابق ما قبله من ضمير الجمع، وقيل: اثنان، والضمير بمعناهما]، يعني خصمان، أي: طائفتان مختصمتان، والذين قالوا: إن المراد هنا بالخصمين الطائفتان استدلوا بدليل الجمع السابق، وهو قوله:{تَسَوَّرُوا} و {دَخَلُوا} وقيل: إنهم خصمان، أي: رجلان اثنان اختصموا، [والضمير بمعناهما]، أي: ضمير الجمع السابق بمعنى هما، أي: بمعنى الاثنين، ولكن الذي يظهر الأول، خصمان، أي: