فـ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} خطاب موجّه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن حكمه عامّ؛ لقوله:{إِذَا طَلَّقْتُمُ} فجعل الحكم عامًا لجميع الأمة.
وما دل الدليل على خصوصه فمثل قوله تعالى: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: ١ - ٣] هذا خطاب خاصّ بالرسول عليه الصلاة والسلام لا يَشْرَكُهُ غيره.
وما كان محتملًا لهذا وهذا، فهو كثير ومنه هذه الآية {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ}.
{وَهَلْ أَتَاكَ} مر علينا قريبًا الفرق بين أتاك وآتاك، {نَبَأُ الْخَصْمِ} نبأ بمعنى خبر، ولكنه لا يقال غالبًا إلا في الخبر الهام {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: ١ - ٢]. فهنا نبأ بمعنى خبر، لكنه في أمر هام، وقوله:{الْخَصْمِ} أي: المتخاصمين بدليل قوله: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} فالخصم لفظه مفرد لكن معناه الجمع، وسمّي المتخاصمون خصمًا؛ لأن كل واحد منهما يريد أن يَخْصِمَ صاحبه، أي: أن يغلبه في الحجة، ويقطع حجته {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} قوله: إذ متعلقة ولا يصح أن تتعلق بـ {أَتَاكَ}؛ لأن تسورهم للمحراب سابق ولا بـ (النبأ)؛ لأن تسورهم للمحراب أيضًا سابق، ولكنها تتعلق بشيء مقدر يدل عليه السياق، يعني اذكر إذ تسوروا المحراب. قال المؤلف: [محراب داود، أي: مسجده، حيثما مُنعوا الدخول عليه من الباب لِشَغَلِهِ بالعبادة {تَسَوَّرُوا} بمعنى دخلوا مع سوره لأن المكان مسور, لأنه بيت يتعبد فيه، فهو مسور وله أبواب، فجاؤوا ذات يوم -أي الخصم- فوجدوا الباب مغلقًا، والخصوم كما