للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)}. إنْ يقول المؤلف: [ما] وعلى هذا فهي نافية، وعلامة "إن" النافية أن يأتي بعدها الإثبات بـ "إلَاّ" أو نحوها، وهنا أتى بعدها الإثبات بـ "إلَاّ" {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)} أي: ما هذا إلا اختلاق، و"إن" تأتي في اللغة العربية على أوجه: نافية، وزائدة، وشرطية، ومخففة من الثقيلة، فهنا "إنْ" نافية وفي قولك: إن أكرمتني أكرمتك؛ شرطية، وفي قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٥٢] نافية: إذا أثبت "إلَاّ" فهي نافية. وفي قول الشاعر:

أنا ابنُ أُباةِ الضيمِ من آلِ مالكٍ ... وإنْ مالكٌ كانت كرامَ المعادنِ

إنْ مالكٌ مخففة من الثقيلة، وفي قول الشاعر:

بني غُدانة ما إنْ أنتُمُ ذهباً ... ولا صريفاً ولكن أنتُمُ الخزفُ

قال المؤلف هنا: [{إِنْ}: ما {هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)}: كذب] هذا المشار إليه ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التوحيد، وقوله: {إِلَّا اخْتِلَاقٌ} أي إلاّ كذب، يقال: اختلق الكلام، أي: افتراه وكذبه، وهذا بناء مبني على قوله فيما سبق {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤)}، والكذاب لا يأتي إلا بالكذب والاختلاق، ولما أنكروا التوحيد أنكروا الرسالة أيضاً فقالوا: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} هذا الاستفهام للنفي لكنه أتى بصيغة الاستفهام مبالغة في نفيه، كأنهم يتعجبون كيف ينزل عليه الذكر من بيننا ولم ينزل على أحد غيره؟ ! وهذا كقوله تعالى حكاية لقولهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] القريتين: هما مكة والطائف.

<<  <   >  >>