{وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)} لما توعدهم الرسول عليه الصلاة والسلام بيوم القيامة، وأن لهم العذاب فيه، تحدوا الرسول عليه الصلاة والسلام، بل تحدوا الله {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} بمعنى نصيبنا، يقولون ذلك تحديًا واستكبارًا وعنادًا -والعياذ بالله- وهذا كقولهم:{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢] هذا قول معاند مستكبر، وكان الواجب عليهم أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه ووفقنا له. هذا الواجب، أما أن يقولوا:{فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} فهذا لا شك أنه في غاية الاستكبار -والعياذ بالله-.
قال المؤلف: [وقالوا لما نزلت {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}[الحاقة: ١٩]{رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} أي: كتاب أعمالنا {قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} قالوا ذلك استهزاءً] ما ذهب إليه المؤلف يحتمله اللفظ، لكن لا دليل عليه فيه، والصحيح أن المراد بقطنا، أي: نصيبنا من العذاب الذي توعدتنا به، وقلت إنه سيأتيكم عذاب كما أتى الأحزاب من قبلكم، فكأنهم يقولون: إذا كان الأحزاب قد أوتوا العذاب من قبلنا فليأتنا نصيبنا. وهذا لا شك أنه في غاية ما يكون من التحدي والسخرية والاستكبار -والعياذ بالله- وأنت تعجب أن تصل الحال بالبشر، إلى هذا التحدي -والعياذ بالله- ولكن الشيطان عدو للإنسان، فإذا أطاعه حمله على شيء، يكاد الإنسان أن يقول: إن هذا الشيء لا يمكن أن يقع.