للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول المؤلف: [كانت ألف فرس، عُرضت عليه، بعد أن صلَّى الظهر، لإرادته جهاد العدوِّ عليها، فعند بلوغ العرض منها تسع مئة، غربت الشمس، ولم يكن صلى العصر، فاغتم].

تقديره هذه الخيل بألف فرس يحتاج إلى دليل عن معصوم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك دليل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها ألف أو ألفان أو أقلّ أو أكثر. وحينئذ تكون مسؤوليتنا أن نقفَ حيث يقف القرآن، فلا نحددها بألف ولا بأكثر ولا بأقل، إنما هؤ عُرضت عليه في آخر النهار هذه الخيول الصافنات الجياد، فلما عرضت عليه نسي أن يصليِّ لقوة ما في قلبه من التعلُّق بهذه الخيول التي أعدّها للجهاد في سبيل الله، أو أعدها للزينة والتمتع؛ لأن سليمان كان من الأنبياء الملوك، قال تعالى: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥] والملوك من عادتهم أن يُسّروا ويبتهجوا بالنظر إلى الخيول، وسواء كان أعدّها للجهاد إن كان قد أُمر به، أو أعدّها للتمتع بها بصفته أنه ملك {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}. أحببت، أي: أردت، حب الخير. يعني محبة الخير، والخير يطلق على المال عموماً، كما في قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٦] أي: لحب المال، والدليل على أن الخير هو المال قولُه تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠].

فقوله: {حُبَّ الْخَيْرِ} أي: حب المال، وتفسير المؤلف - رحمه الله - لهذا الخير بالخيل أخص من دلالة اللفظ، وقد مرَّ علينا أنه لا

<<  <   >  >>