للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهدوء وبدون إثارة، أما أن يسب ويشتم ويثور فإن هذا دليل على أنه مهزوم ومخذول، وأنه يريد أن يتخذ من هذا السلاح مهرباً ومخلصاً مما هو عليه من الضيق، الذي عجز أن يدفع به حجة خصمه.

* * *

قال الله تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} هذا مصب الإنكار. هذا الاستفهام يحمل معنيين:

المعنى الأول: التعجب الاستنكاري.

والثاني: الإنكار البليغ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث جعل الآلهة إلهاً واحداً. هنا قال: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} جعل نصبت مفعولين: الأول: الآلهة، والثاني: إلهاً واحداً. يعني أصيّر محمد الآلهة إلهاً واحداً! وهم يعبدون آلهة متعددة: اللات والعُزَّى ومناة وهبل وغيرها من الأصنام. كيف يأتي محمد ويقول: ليس هناك آلهة إلا الله. هذا عندهم من أكبر الكذب، حيث قال لهم: "قولوا: لا إله إلا الله" أي: كيف يسع الخلق كلّهم إلهٌ واحد؟ وهذا من جهلهم وغباوتهم أن ينكروا كون الآلهة إلهاً واحداً، فنقول لهم: من الخالق؟ وكم؟ يقولون: الخالق هو الله؟ وإنه واحد. فإذا كان الخالق هو الله، وهو واحد كما تؤمنون به، فإنه لا غرابة أن يكون الإله هو الله وهو واحد، ومن وسع الخَلْقَ خَلْقاً وسعهم تعبُّداً، فإذا كانت الآلهة لم تخلق شيئاً بإقراركم، فكيف تستحق أن تكون آلهة، وإذا كان يمكن انحصار الخلق في واحد، فإنه يمكن أن تنحصر العبادة في

<<  <   >  >>