للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان أن يعود إلى القوة التي يمكنها أن تدفع عنه المصيبة التي نزلت به، إلَّا مَن خرج عن هذه الطبيعة، وقد يخرج عن هذه الطبيعة ناس كثيرون، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦] فقد يخرج بعض النَّاس عن هذه الطبيعة الفطرية فتصيبه المصائب والنكبات والعذاب، ولكن قلبه يكون قاسياً لا يتأثر. نسأل الله العافية.

قال المؤلف: [{ثُمَّ أَنَابَ (٣٤)} أي: رجع سليمان إلى ملكه بعد أيَّام، بأن وصل إلى الخاتم فلبسه، وجلس على كرسيه] هذا من أبعد ما يكون في التحريف لكلام الله عزَّ وجل، والمتعيَّن أن المعنى: أناب إلى الله، أي: أنَّه عرف أن هذا الذي نزل به لأمر صدر منه، فرجع إلى الله وأناب إليه، وأحسن التوبة، وأصلح العمل.

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)} بدأ بطلب المغفرة قبل طلب المُلك العظيم، الذي لا ينبغي لأحد من بعده، وذلك لأنَّ زوال أثر الذنوب هو الذي يحصل به المقصود، فالذنوب في الحقيقة تتراكم على القلب، وتمنعه من كثير من المصالح، فيسأل الإنسانُ التخلُّص من آثار هذه الذنوب، قبل أن يسأل ما يريد.

والمغفرة مأخوذة من المِغْفَر، وهو الذي يوضَع على الرأس، لاتِّقاء السهام في حال القتال، وهو شيء من حديد يُلبس تحت البيضة، أي: الخوذة، فهو يقي الرأس، وفي نفس الوقت يستره.

<<  <   >  >>