{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} قال المؤلف رحمه الله: [تأنيث "قوم" باعتبار المعنى] هل قوم مؤنث؟ أو الفعل الذي كان القوم يفعلونه هو الذي أُنِّث؟ نقول: الفعل هو الذي أُنِّث {كَذَّبَتْ}، أما قوم فليس فيها تاء التأنيث، لكن من المعلوم أن الفعل إذا أُنِّثَ فالفاعل مؤنث، فإذا وقع الفاعل لفعل مؤنث فهو مؤنث، لكن هذا اللفظ هل هو مؤنث لفظًا أو باعتبار المعنى؟ قال المؤلف: باعتبار المعنى، وهنا نسأل كيف يكون مؤنث باعتبار المعنى؟ لأن القوم جماعة، وكل جمع يجوز تأنيثه، قال ابن مالك رحمه الله:
والتاءُ مع جَمْع سوى السالِم مِنْ ... مذكَّر كالتاءِ مع إحدى اللَّبِنْ
إحدى اللَّبِنْ: هي لَبِنة، فلبنة يجوز فيها التذكير والتأنيث، لكن التأنيث أرجح، كذلك جميع المجموع ما عدا جمع المذكر السالم يجوز فيه وجود التاء في الفعل.
{وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢)} عاد قوم هود، كانوا بالأحقاف،
وكانوا ذوي شدة وقوة، من أشد الناس قوة، فأُعجبوا بقوتهم واستكبروا وعصوا رسولهم عليه الصلاة والسلام، وافتخروا بما أعطاهم الله من القوة، كما قال الله عنهم:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فصلت: ١٥] فتأمل قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ} لأن فيها إشارة إلى أنهم ضعفاء أمام خالقهم، ولم يقل: أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات، قال: خلقهم، فهم مخلوقون، والخالق أعلى من المخلوق، وأشد منه قوة {هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا