بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت: ١٥] فأهلكهم الله. أهلكهم الله وعلى حين طمع في رحمته، أرسل الله عليهم ريحًا عظيمة، ولما رأوا ما تحمله الريح من الرمال العظيمة ظنوا أن ذلك سحاب. لما رأوا هذا قالوا:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} فقال الله تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥] فعصفت بهم الريح العقيم حتى كانت تحمل الواحد منهم إلى جو السماء ثم تقلبه على رأسه، فصاروا {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة: ٧]، أعجاز النخل يعني أصولها وجذوعها؛ خاوية منتكسة، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥]، ومع ذلك ما آمن معه إلا نفر قليل.
{وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (١٢)} قال المؤلف: [كان يَتِدُ لكل مَن يغضب عليه أربعة أوتاد يشد إليها يديه ورجليه ويعذبه] فرعون الذي أُرسل إليه موسى، وكان ملكًا قاهرًا لمصر جبارًا عنيدًا، استعبد أهل مصر وقال لهم:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات: ٢٤] وسخر بموسى وقال لهم: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف: ٥٢] وفخر بما أعطاه الله تعالى من الأنهار، قال لهم:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[الزخرف: ٥١] وكذب موسى وحاربه، لكن ليس بالسلاح بل بما جمع له من السحرة, لأنه أوْهَمَ الناسَ أن موسى كان ساحرًا، قال: هذا ساحر يرمي العصا في الأرض فتكون حية، ويدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، هذا ساحر.