للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لداود رجّاع، أي: مُرجّع معه، إذا سبّح سبّحت الجبال، إذا سبح سبحت الطيور المجموعة إليه، وقيل: إن الأواب: الرجّاع وليس المرجّع الذي يرجع إلى داود، والمعنيان متلازمان؛ لأنه إذا كان رجّاع يرجع إلى داود ليسبح معه فهو مرجّع معه، على أن في الآية قولًا آخر في مرجِع الضمير في قوله: {لَهُ أَوَّابٌ (١٩)} فإن من أهل العلم من قال: إن الضمير في قوله: "له" يعود إلى الله، وأنه من باب الالتفات بدلًا من أن يقول: كل لنا أواب، قال: كل له أواب، ولكن هذا المعنى لا يتعين، بل المعنى الأول أظهر كما مشى عليه المؤلف رحمه الله.

* * *

ثم قال الله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} أي: قَوَّينا مُلْكَه, لأن الشد يأتي بمعنى التقوية، قال الله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} [النبأ: ١٢] أي: قوية بدليل قوله: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: ٤٧] أي: بقوة، فالشد هنا بمعنى القوة، أي: قَوَّينا مُلْكَه، وتقوية الملك فسرها المؤلف بقوله: [قَوَّيناه بالحرس والجنود] وهذا لا شك نوع من التقوية أن يكون لدى الملك حراس وجنود، الحراس هم الموالون له، والجنود هم التابعون له وإن لم يوالوه، لكنهم جنود له، متى أمرهم ائتمروا، وأما الحراس فهم المباشرون للملك، فالله شدَّ مُلْكَه بالحراس والجنود، هذا وجه من شدِّ المُلك، وشدَّ ملكه بقوة السلطان؛ لأن السلطان إذا كان ضعيفًا مهما كان عنده من الحرس والجنود فإنه ضعيف، لكن إذا أعطاه الله القوة والعزيمة وعدم المبالاة

<<  <   >  >>