للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سببٍ معلوم، فلان هو الذي انتشله من الماء. ومن ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عمِّه أبي طالب: "لولا أنا لكان في الدَّركِ الأسفلِ من النَّار" (١) فأضاف الشيء إلى سببه المعلوم.

أمّا إذا أضافه إلى سبب غير معلوم، فهذا نوعٌ من الشِّرك، ثم قد يكون شركًا أكبر، وقد يكون شركاً أصغر، بحسب الحال. فإذا قال: سقطت في البحر ولولا فلان -الولي الميت- لهلكت، لكان هذا شركاً، وهو شرك أكبر في هذه الحالة.

* * *

قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥)}.

اذكر يا محمَّد، وتذكر أيها المخاطَب هؤلاء السادة الأبرار، {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ} إبراهيم بدل من عبادنا، بدل بعض من كل، وما عطف عليه يكمل الكل. والعبادة هنا أخصّ الخاصة، لأنهّا عبودية الرسالة والنبوة، وإبراهيم عليه الصَّلاة والسلام إمام الحنفاء، الذي أُمرنا باتباع ملته: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: ١٢٣]، وإسحاق ابنه، ويعقوب حفيده ابن ابنه.

قوله تعالى: {أُولِي الْأَيْدِي} قال المؤلف: [أصحاب القوى في العبادة، {وَالْأَبْصَارِ (٤٥)} البصائر في الدين] يعني اذكرهم مشيراً إلى قوتهم في الدين، لأنَّ الأيدي جمع يد والمراد باليد هنا القوة، وكذلك


(١) أخرجه البُخاريّ، كتاب مناقب الأنصار، باب قصَّة أبي طالب (٣٨٨٣)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لأبي طالب (٢٠٩) (٣٥٧).

<<  <   >  >>