ولما نادى ربه عزَّ وجل، وتضرع إليه، وعلم أن لا ملجأ من الله إلَّا إليه، وبعد أن تفرغ قلبه من كل شيء سوى الله، جاءه الفرج فقيل له:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ... } أي: اضرب برجلك الأرض، فضرب الأرض بها فنبع منها الماء بإذن الله، ولم يحتج إلى حفار ولا إلى أحد يساعده. بل ضرب الأرض برجله ضربة واحدة فنبع الماء، والله على كل شيء قدير، وهذه إحدى الضربات التي نبع بها الماء على أنَّه آية من آيات الله.
والثانية: موسى ضرب الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً.
والثالثة: جبريل ضرب بجناحيه مكان زمزم، فنبع الماء، والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-: [فنبعت عين ماء فقيل له: {هَذَا مُغْتَسَلٌ} أي: ماء تغتسل به {بَارِدٌ وَشَرَابٌ} أي: تشرب منه، فاغتسل وشرب فذهب عنه كل داء كان بباطنه وظاهره] أي: أبيح له أن يغتسل ويشرب من الماء الذي نبع من الأرض، والغالب أن الماء النابع من الأرض يكون ساخناً، ولكن هذا بارد، فشرب منه واغتسل به، فذهب عنه كل داء كان في باطنه وظاهره بقدرة الله عزَّ وجل وإرادته.
ثم قال الله تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ}.
قال المؤلف:[أحيا الله له مَن مات من أولاده، ورزقه مثلهم]. فجعل المؤلف الهبة بمعنى الإحياء، ولكن هذا فيه نظر، لأنّ الإحياء يحتاج إلى ثبوت الإماتة من قبله، وليس في الآية ما يدلّ على هذا، بل