للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الله تعالى وهب له أهله حيث أووا إليه بعد أن شردوا منه، لأنَّ الرجل بسبب مرضه الحسي البدني أو النفسي، شرد منه أهلُه، وعجزوا عن أن يعيشوا معه، ولما عافاه الله، أوى إليه أهله، فتكون هذه الهبة إعادة ما سبق، كما سمّى عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه إعادة قيام رمضان جماعة سماها بدعة، وهي ليست بدعة في الواقع، وهذه هبة مع أنَّها ليست هبة، ولكنها إعادة موهوب شرد.

وأمَّا القول بإحيائهم بعد إماتتهم فهذا يحتاج إلى ثبوت الإماتة من قبل، ولكن الصَّحيح أنَّه لم تثبت الإماتة ولا الإحياء، وإنَّما هذه الهبة إعادة موهوب سابق، لأنهم نفروا منه، وشردوا عنه.

وقوله: {وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} نقول: إن الله رزقه أولاداً جدداً؛ لأنّ زوجته رجعت، وصلحت حاله، وصار ينجب، فبارك الله له في ولده.

ثم قال تعالى: {رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٤٣)}. {رَحْمَةً} قال المؤلف: [نعمة، {وَذِكْرَى} موعظة] قوله: {رَحْمَةً} إن كان عائدًا على الأهل ومَن وُهب له من جديد؛ فهي رحمة مخلوقاً، والرحمة قد تطلق على المخلوق، كما قال الله تبارك وتعالى: "أنت رحمتي أرحم بك مَن أشاء" (١) ولذلك فإن تفسير المؤلف للرحمة بالنعمة تفسير صحيح؛ إذا جعلنا الرحمة هنا عائدة على الأهل والأولاد {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} فإنّ تفسيره صحيح؛ لأنَّ الرحمة مخلوقة.


(١) أخرجه البُخاريّ، كتاب التفسير، باب {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٠] (٤٨٥٠)، ومسلم، كتاب الجنَّة، باب النَّار يدخلها الجبارون (٢٨٤٦).

<<  <   >  >>