للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها، ولا يبغي عنها حولًا، ولا يرى أن لغيره فضلًا عليه، كلّ واحد من أهل الجنة يرى أنه لا فضل لأحد عليه، وهذا هو تمام النعيم، لأن الإنسان إذا رأى أن غيره أفضل منه احتقر ما أعطاه الله، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم" (١).

قال: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠)} مفتحة ولم يقل: مفتوحة، وذلك لكثرة الفاتحين أو لكثرة الأبواب أو لهما جميعًا. فعلى الأول كثرة الفاتحين، يكون المعنى أن لهم خدمًا كثيرين يفتحون لهم الأبواب، وعلى الثاني يدل على أن أبوابها كثيرة لكثرة من يدخلها. ومن المعلوم أن أبواب الجنة الأصلية الكبيرة ثمانية، ولكن هناك غرف في وسط الجنة تجري من تحتها الأنهار لها أبواب فتفتح لهم الأبواب.

{مُتَّكِئِينَ فِيهَا} أي: في هذه الجنات، والاتكاء يدل على الهدوء والطمأنينة وعدم القلق، وأيضًا يدل على أن الإنسان ذو سلطان يُخدمَ ولا يَخدِم. وقوله: {فِيهَا} أي: في الجنات. وبيَّن المؤلف على أي شيء يتكئون فقال: [على الأرائك]، كما جاء ذلك في آيات أخرى.

{يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} يدعون، أي: يطلبون يعني يقولون: هاتوا فاكهة {كَثِيرَةٍ} كثيرة النوع وكثيرة العين، أي:


(١) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم (٢٩٦٣) (٩).

<<  <   >  >>