للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على كل حال، والخلاف في الأولى، الأولى إما منصوبة وإما مرفوعة، نصبها فيه أوجه: قيل: بالفعل المذكور، أي: فالحقَّ أقول والحقَّ أقول، فيكون الحق الأولى والثانية منصوبة بأقول، كما لو قلت: زيدًا وعَمْرَاً ضربتُ، فزيدًا وعمرًا منصوبان بضربت، إذن الحق، والحق منصوبان كلاهما بأقول، وقيل على المصدر أي: فأُحقُّ الحقَّ، وعلى هذا فيكون مصدرًا عامله محذوف تقديره: فأحق الحق، وقيل: على نزع حرف القسم، يعني فبالحق أقسم؛ لأنه إذا نزع الخافض نصب المخفوض، ولهذا يرد كثيرًا قولهم: منصوب بنزع الخافض، هذه ثلاثة أوجه، ورفع (الحقُّ) الأولى على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي: فالحقُّ مني، وهذا ضعيف، وقيل: فالحق قسمي، وهذا أقل ضعفًا من الأول، والذي يظهر لي أنه لا حاجة إلى هذا، والأحسنُ أن نقول: الحقّ: مبتدأ ضُمّن معنى القسم، وأجيب بقوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} وصار في جواب القسم كفاية عن خبر المبتدأ، واستغني بجواب القسم عن خبر المبتدأ كما يستغني بجواب القسم عن جواب الشرط فيما إذا اجتمع شرط وقسم.

قال: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ} المراد الجنس ولهذا قال المؤلف: [بذريتك {وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} أي: الناس، الذين أقسمت أن تغويهم {أَجْمَعِينَ}. ولهذا كانت النار دارًا لصنفين من المخلوقات فقط، وهما الجن والإنس، فالملائكة ليسوا من أهلها، والوحوش والحشرات وغيرها ليسوا من أهلها، لا يدخل النار إلا صنفين من المخلوقات، وهما الناس والجن.

<<  <   >  >>